عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
35695 مشاهدة print word pdf
line-top
أعداء تحيط بالإنسان

وذلك أيضا أن الإنسان في هذه الحياة الدنيا قد سُلِّطَتْ عليه الأعداء فنفسه -النفس الأمارة بالسوء- تميل به غالبا إلى الكسل، وإلى الراحة، وتندفع إلى الشهوات، والتي قد تكون شهوات مُحَرَّمة، فهي من جملة أعدائه.
كذلك الهوى الذي قيل فيه: ما تحت أديم السماء إلهٌ يعبد شر من هوًى مُتَّبَعٍ ؛ لقول الله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وهو الذي لا يهوى شيئا إلا ركبه، غَيْرَ مُفَكِّرٍ في عاقبة ذلك الشيء، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به فمن اتبع هواه فقد ضل سواء السبيل، قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى أي: لا أحد أَضَلَّ منه، كلما هوي شيئا اندفع نحوه، هذا أيضا من جملة الأعداء الذين سُلِّطُوا على الإنسان.
كذلك أيضا سُلِّطَتْ عليه الدنيا بملذاتها وشهواتها، وهي ما يتمثل أمامه من لذات الدنيا التي تَغُرُّه وتخدعه، وتميل به إلى ارتكاب ما حرم الله، وإلى ترك ما أمر الله تعالى به، وتتزين له لما فيها من الدوافع إلى المحرمات، لا شك أن هذا أيضا من جملة الأعداء.
كذلك من جملة من سُلِّطَ عليه في هذه الدنيا الشيطان الرجيم الذي التزم بأن يغوي الأمة، أو أن يغوي جنس بني آدم بقدر ما يستطيع.. ذكر الله عنه أنه قال: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وغير ذلك من الآيات التي تدل على أنه التزم أن يُضِلَّ الناس بقدر ما يستطيع، سَلَّطَهُ الله على الإنسان، ولكن أمرنا الله تعالى بأن نستعيذ منه، فإذا استعاذ العبد منه بِرَبِّهِ، وكان صادقا، فإن ربه يُعِيذه، ويطرده؛ ولهذا قال الله: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وقال الله لنا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ مُثِّل الغرور بأنه الشيطان، ولهذا قال بعدها: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ وأنزل الله في الاستعاذة منه سورة كاملة، هي آخر سورة في القرآن وفيها: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ فهذه الأعداء الأربعة:
إبليس والدنيـا ونفسـي والهـوى
كـيف الخـلاص وكلهم أعـدائي؟!
فإذا أعان الله تعالى العبد، وجاهد هؤلاء الأعداء، فإن الله تعالى يُنَجِّيه، ويكون من عباده المخلصين الذين استثناهم في قوله: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ يعني: يطيعونه وينقادون نحو ما يدعوهم إليه.

line-bottom